Halwa Telinga


3/09/2011

الولد قرة عين أبويه ،، لماذا؟

alt


ا.د.صلاح سلطان

1- اعتقاد ضعف الإنسان في إحتياجه للولد، حيث إن الله وحده قد استغنى بنفسه عن الشريك والولد، وسبحان من قال عن نفسه: "وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا" [الإسراء: 111]، وقال تعالى: "سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ" [النساء: 171].

لكن الإنسان مهما أوتي من السلطة والمال، والعلم والأنفال، فسيبقى فقيراً إلى أن يكون له ولد يعينه في كل حال، ويخلفه بعد المآل، فهذا فرعون مصر مع شدة بطشه، وقوة بأسه، وكثرة عرضه، يفتقر إلى الولد، فلما جيء له بالطفل موسى توسلت امرأته إليه فقبل، كما جاء في قوله تعالى: "وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ" [القصص: 9]. وأن عزيز مصر مع سلطانه وصولجانه لما حرم الولد خرج يشتري ولدا يتبناه وقال لامرأته: "أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا" [يوسف: 21].

2- اعتقاد أن الولد نعمة من فضل الله، ومنته وليس بحول الإنسان وقوته، فالولد محض هبة من الله لعبده، كما قال سبحانه: "يَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ الذُّكُورَ" [الشورى: 49]، وقال تعالى: "وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" [النحل: 72].

3- هذا الحمد يجب أن يكون قولا بالقصد إلى التسبيح بحمد الله في كل يوم، وأنصح بسجدة شكر كل يوم من لحظة البشارة بأول مولود إلى اليوم الموعود، وأن نجعل معها الدعاء في السجود: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" [الفرقان: 74].

ولعل دوام الشكر واستمرار الذكر هو أوسع أبواب الزيادة في الأجر والتوفيق في هداية الأولاد إلى طريق الرشاد لقوله تعالى: "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" [إبراهيم: 7]. والغفلة عن ذلك تؤدي بالإنسان إلى العز والفخار و الاستكبار ليس بالولد كنعمة، وإنما كأنه قدرة من الإنسان على الإنجاب والاستكثار، كما قال سبحانه في سورة الكهف على لسان الصاحب المتكبر: "أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا" [الكهف: 34]، وقال سبحانه: "فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ" [التوبة: 55].

4- اعتقاد أن بعض الولد نقمة، كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ" [التغابن: 15]، وذلك إذا كانوا بعيدين عن الله؛ فيرهقون الأبوين في الدنيا حتى لو كانا مؤمنين، لقوله تعالى: "وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا" [الكهف: 80]، ولايغنون عنا شيئا عند الله يوم القيامة، لقوله تعالى: "وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ" [سبأ: 37]، فالاستثناء هنا فقط أن يكون الأولاد ذخراً في الآخرة، وفخراً في الدنيا أن يكونوا مؤمنين صالحين.

5- اعتقاد أن الولد مداد للخير، وحجاب من النار: وذلك لما رواه الإمام مسلم بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ، كما أن هؤلاء الأولاد ستر للعبد من النيران كما روى الإمام البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يموتُ لمسلمٍ ثلاثةٌ منَ الوَلَدِ فَيلِجَ النارَ إلاّ تَحِلَّةَ القَسَم» .

وروى الإمام مسلم بسنده عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ»، وفي رواية أخرى أضاف أبو داود بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَالَ ثَلاَثَ بَنَاتٍ فأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةَ».

6- اعتقاد أن الأولاد لا يحملون أوزارنا يوم القيامة، لقوله تعالى: +يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ" [عبس:37:34] ، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ" [لقمان: 33] ، فيجب أن تنصرف همة الأبوين أولاً إلى إرضاء الله قبل الأولاد، وأن يكون حبهم واسترضاؤهم تالياً وتابعاً لحب الله تعالى وابتغاء مرضاته.

7- اعتقاد أن الولاء للأولاد مرتبط بولائهم لرب العباد، فإن شبوا على الكفر والعناد والشقاق والنفاق، فيبالغ الأب في دعوتهم لكنه يعلن براءته منهم، لقوله تعالى:" لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" [المجادلة: 22].


فإن كانوا مسلمين صالحين فيجب أن يبقى حبهم في درجة أدنى من حب الله ورسوله والجهاد في سبيله، لقوله تعالى: " قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" [التوبة:24]، وما رواه السندي بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده».


8- أن يقلب الأبوان وجهيهما في السماء ويتعشقا، لتكون الأسرة كلها في أعلى الجنان، توافقا مع دعاء الملائكة حملة عرش الرحمن في دعائهم: "رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [غافر: 8]، فيرسم كل أب وأم خطتهما أن يكون أولادهما عزا لهما في الدنيا والآخرة، يسعون معا في مدارج السالكين إلى ربهم، ويكون أكبر مناهم وغاية أملهم أن يصلوا إلى رضا الله والجنة، والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم

No comments:

Post a Comment