Halwa Telinga


3/01/2011

مع الأوائل في صحبة الوالدين


احتفلت إدارة المدرسة بتكريم الأوائل، وبعد توزيع الجوائز القيِّمة عليهم قال مدير المدرسة "هؤلاء التلاميذ هم أفضل تلاميذ المدرسة"، وطلب من باقي التلاميذ أن يتعلموا منهم ويقتدوا بهم في سلوكياتهم، وقال المدير: أبنائي التلاميذ الأعزاء.. سوف نقوم الآن- بإذن الله تعالى- بعرض فقرة تبين سببًا من أهم الأسباب التي أدت إلى حصول هؤلاء التلاميذ على المراكز الأولى على مدرستهم؛ وطلب المدير من الطالب الأول في كل فرقة دراسية أن يحضر إلى منصة الحفل وأن يكلم زملاءَه عن سلوكه مع والديه..

فقال إبراهيم:أنا أحب أبي وأحب أمي حبًا شديدًا؛ لذلك فأنا أطيعهما في كل ما يأمراني به، بعيدًا عن معصية الله تعالى، وأتعلم من سيدنا إسماعيل حينما طلب منه سيدنا إبراهيم أن يذبحه فقال ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ (الصافات: 102)، فإذا كان سيدنا إسماعيل يستجيب حتى للذبح فلماذا لا أستجيب أنا لطلبات أمي وأبي وكلها في صالحي..؟!


حينما يناديني أبي أو تناديني أمي فإنني أسارع في تلبية النداء وأترك كل ما في يدي، وطوال عمري لم تكرر أمي عليَّ طلب الشيء مرتين على الإطلاق بل هي مرة واحدة فقط، بعدها أسارع في تنفيذ ما طلبت، فقد علمَنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن نجيب طلب الوالدين حتى ولو كنا في الصلاة..!! وأراد إبراهيم أن يستمر في الحديث فقال وأقوم دائمًا على خدمة أبي في.. فالتقط المدير الميكرفون من يده وقال يكفيك هذا يا إبراهيم.. حقًا إن رضا الله في رضا الوالدين؛ لذلك كافأك الله تعالى بالمركز الأول على فرقتك، فهنيئًا لك.


ثم أعطى المدير الميكرفون إلى محمود وقال وماذا عن حالك أنت يا محمود مع والديك..؟

فقال محمود: أما أنا فأعامل أبي وأمي بأدب ولطف شديد، ولا أرفع صوتي أمامهما ولا أقاطعهما في الكلام، ولا أناديهما إلا بأبي الحبيب.. أمي الحبيبة، وأساعد أمي في أعمالها، ولا أزعجها عند نومها، وحينما يعود أبي من الخارج أنهض من مكاني وأقوم لاستقباله بفرح وسرور وتهليل وترحاب وأقبِّل يدَه وأنهض لمساعدته فيما يريد، ولا نأكل حتى يبدأ أبي الطعام؛ احترامًا لمكانته، ولا نأكل من أمامه، وحينما ينتهي من الطعام أجهِّز له المنشف وأكون تحت أمره. وأراد أن يكمل الحديث فقال له المدير يكفيك هذا يا محمود، فقد عرفنا سرَّ تفوقك وحصولك على المركز الأول، فهنيئًا لك.


ثم أعطى المدير الكلمة إلى صلاح الدين، وقال وماذا عن حالك أنت يا صلاح الدين مع والديك..؟

فقال صلاح الدين: أما أنا فأكون دائمًا حريصًا على فعل الشيء الذي يدخل السرور على قلب أبي وأمي دون أن يطلبا مني ذلك:

- فأجتهد في دراستي وأنظِّم وقت مذاكرتي ولا أضيِّع وقتًا كبيرًا في اللعب، وأحرص على نَيل المركز الأول دائمًا؛ حتى أُدخل السرور على نفس أبي الذي يتعب ويجتهد من أجلنا.




- وأحافظ على ترتيب حجرتي وأنسِّق أدواتي، وأضع كل شيء في مكانه، فأبي يحب أن أكون منظمًا في شئوني.

- أتعاون مع إخوتي وأحافظ عليهم ولا أتشاجر معهم، ولا أرضى الضرر أو الأذى لأحد منهم، فأبي يشجعنا دائمًا على الحب والتعاون.

ويريد صلاح الدين أن يحكي أشياء كثيرة تُدخل السرور على قلب والديه، ولكن المدير يقول له كفاك هذا يا صلاح الدين، وهنيئًا لك المركز الأول، وعسى أن تفلَح في تحرير فلسطين فتُدخل كل السرور على قلب والديك كما تحب أن تفعل دائمًا.

ثم أعطى المدير الكلمة لعبد الرحمن وقال والآن جاء دورك يا عبد الرحمن.. فماذا أنت قائل..؟

فقال عبد الرحمن: أما أنا فأحرص دائمًا على مشاورة أبي في كل أموري، ولا أخفي عنه شيئًا أبدًا، فأنا أستفيد كثيرًا برأيه الرشيد، وخبرته الطيبة في الحياة وحبه الكبير إليَّ، وحرصه الشديد عليَّ يجعله ينصحني بكل مفيد؛ لذلك فأنا لا أفعل شيئًا إلا بعد استئذانه ومشورته، وحينما أقع في خطأ (وكل بني آدم خطَّاء) فينصحني أبي أو تنصحني أمي أستجيب لهما في أدب ولا أتأفف منهما ولا أُبدي غضبًا أو تبرُّمًا، بل أعتذر عن الخطأ وأعاهدهما على فعل الصواب وأشكرهما على النصيحة، وأطلب منهما أن يعلماني السلوك الصحيح و..فقال المدير: بارك الله فيك يا عبد الرحمن، عرفنا سرَّ تفوقك، وهنيئًا لك المركز الأول.

والآن أعزائي التلاميذ.. نحن مع التلميذ المجدِّ المجتهد عمر ليخبرنا عن حاله مع والديه فهيَّا يا عمر:

فقال عمر: أما أنا فأقدم الاحترام الكبير والتوقير الجليل لأبي وأمي في كل موقف، فحينما أسير مع أبي لا أمشي أمامه إلا إذا طلب مني أن أستكشف له الطريق وأحمل عنه أمتعته، ولا أدخل قبله، ولا أجلس إلا بعد جلوسه، ولا أجلس في مكان مرتفع عنه، وحينما نجلس مع أبي وأمي لا أمدُّ الرجلين أمامهما، ولا أنام ولا أضطجع إلا إذا أذِنا لي بذلك. وأنا أحب أصدقاء أبي وأحترمهم، وأحتفل بهم كثيرًا، وعندما أراهم أكون سعيدًا بلقائهم، وأكرم ضيوف أبي، وعند قدومهم إلى منزلنا أطير فرِحًا بهم، وأجلس بقرب الباب أراقب نظرات أبي لعله يأمرني بشيءٍ خفيةً فأكون لمَّاحًا في الاستجابة إليه دون أن يشعر أحد، و..فقال المدير كفاك يا عمر، فأنت متفوق حقًّا.. متفوق في دراستك، ومتفوق في علاقتك بوالديك، وهذا سرُّ نجاحك الباهر. ثم أعطى المدير الكلمة للتلميذ المتفوق عبد الله، وقال والآن جاء دورك يا عبد الله فماذا أنت قائل..؟


فقال عبد الله: أما أنا فأبتعد عن كل الأشياء التي تُغضب أبي أو أمي، ولشدة حرصي عليهما فقد تعرفت بدقة على كل الأمور التي لا تريحهما أو تؤذي مشاعرهما، وإذا وجد شيء من ذلك فإنني أقوم في لمح البرق بتغييره والمسارعة في إزالته؛ حرصًا على رضاهما وراحتهما، ولا أنسى أبدًا قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "سخط الله في سخط الوالدين"، وأنا أحافظ دائمًا على سُمعة أبي الرجل الصالح، فلا أرتكب فعلاً مشينًا حتى لا يُنسب إلى أبي الحبيب، ولا أرضى أن يتكلم أحد في حق أبي العزيز الغالي بسوء، ولا أتعرض بالشتم أو السب لوالد أحد حتى لا يشتم أو يسب والدي الحبيب وأكون أنا السبب، وأحافظ دائمًا على مال أبي، فلا أسرف ولا أكثر عليه من الطلبات و..فقال المدير بارك الله فيك يا عبد الله، فأنت نعم الولد الصالح، وتستحق بذلك كل خير؛ لذلك كافأك الله تعالى بالمركز الأول فهنيئًا لك.


ثم قال المدير والآن أعزائي التلاميذ مع الابن الرائع المتميز عزّ الدين: فقال عزُّ الدين: لقد ذكر زملائي الأعزاء أشياء كثيرة عن برِّ الوالدين وكلها جميلة ورائعة، ولكني سأذكر شيئًا واحدًا وفَّقني الله تعالى إليه، وهو أنني لا أنام كل يوم إلا بعد أن أسأل أبي هل أنت راضٍ عني يا أبي، وكذلك أسأل أمي هل أنتِ راضيةٌ عني يا أمي، وإذا كان هناك ما يُغضبهما لا أتركهما حتى أعتذر وأصحح ما يريدون، وأعدهما بعدم العودة للشيء الذي أغضبهما مرةً أخرى، وبعد أن أحصل على رضائهما أذهب إلى النوم هنيئًا مرتاح البال، شاكرًا لربي الكريم أن أعانني على برِّ والدَيَّ الحبيبين؛ فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "رضا الله في رضا الوالدين". ثم قدم المديرُ التلميذَ المتفوق حسن


فقال حسن: أما أنا فأكون دائمًا حريصًا على شكر والديََّ وتقديم الثناء عليهما والاعتراف بالفضل والجميل لهما، وأقول لهما دائمًا ألفاظَ التبجيل والتكريم، وبين الوقت والآخر أوفِّر جزءًا من مصروفي فأشتري هديةً لأبي أو أمي اعترافًا بفضلهما ولإدخال السرور عليهما، ولا أنسى أبدًا قول الله- تبارك وتعالى- ﴿أَنِ اشْكُرْ لِيْ وَلِوَالِدَيْكَ﴾ (لقمان:14)، فأنا دائمًا أشكرهما وأقول لهما كلامًا طيبًا لطيفًا وجميلاً؛ عملاً بقول ربنا- تبارك وتعالى- ﴿وَقُل لَّهُمِا قَوْلاً كَرِيْمًا﴾ (الإسراء:23)، وأدعو لهما دائمًا كما علمني ربي ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرًا﴾ (الإسراء:24). وفي الختام قال المدير: أريدكم يا أبنائي الأعزاء أن تتعلموا من زملائكم هؤلاء، وتُصحِّحوا علاقتكم بوالديكم، وتحرصوا على رضائهم، وتجتهدوا في دراستكم؛ حتى تكونوا من الأوائل فيرضى عنكم ربكم وتنتفع بكم أمتكم.


وحقًّا لقد كان هؤلاء الأبناء درسًا كبيرًا للمدرسة كلها وما أعظم برَّ الوالدين، وما أعظم فضله.. ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: سألت النبي- صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: "الصلاة على وقتها" قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين" قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله".

No comments:

Post a Comment