تفنن في نصيحتك 3
تسير على درب من :أتدري على أي طريق تسير باتخاذك النصيحة سبيلا إنك تسير على طريق المرسلين والأنبياء .
(ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم) هذه نصيحة نوح .
(وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) هذه نصيحة صالح .
(وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين) هذه نصيحة شعيب.
(ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
وهذه نصيحة المرسلين والأنبياء:
فنصيحتك غالية عند الله ومثلها كمثل رسول من رسل الله يدعو قومه فينصحهم ويصدقهم النصيحة ويخلص لهم فيها .
أعلموا أنه بالنصح عز السلف وبزّوا وبتركه ذل الخلف وابتزوا هكذا قال صاحب (المنار) .
فالنصيحة بلا شك سبب وجيه لسلامة سير الدعوة إلى الله وسبب عظيم لسلامة السير في طريق الحياة .
من يشتري النصيحة :
الكل يعلم أن النصيحة مجانا ويقدمها الناصح من غير مقابل نقدي أو عيني إنما يستلم مقابل نصحه الأجر والثواب وتكفير الذنوب والسيئات جزاء نصيحته قال تعالى : (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) .
والعجب أن البعض يشتري النصيحة شراء من أجل تصحيح مسيرة حياته خاصة التجارية .
ألا تعلم أن كل الشركات الكبرى تقوم باللجوء لمؤسسات بحثية لتقوم بدراسة الجدوى للشركة والوقوف على مواطن القوة والضعف ثم تسليم التقرير والنتائج لصاحب الشركة ويقدم صاحب الشركة المبالغ الطائلة مقابل هذا التقرير والذي يعتبر في حقيقته (نصيحة) وذلك كله من أجل التقدم بالتجارات وزيادة في الأرباح .
فلماذا لا يقوم المسلم الحريص على تجارته مع ربه والطامع بالفوز بجنته والراغب بالنجاة من ناره أن يتحرى النصيحة ويرضى من الناصح قوله ويستمع لمريد الخير له .
فما المانع من أن تعرض على أخيك أو صديقك أو زميلك أن يوجه نصيحة لك على أن تفتح له باب القبول منك وذلك بسبب أن أخيك يستحي أو يخاف أن يخسر صداقتك وإن كان هذا عين الخطأ فبادر أنت قبله .
لا تترفع عن قبول النصيحة :
قد ظن طائفة من الناس أنه وصل إلى منزلة لا تسمح لأحد أن يقدم له نصيحة أو أنه يَنصح ولا يُنصح ولا حول ولا قوة إلا بالله .
كما نست هذه الطائفة أن مقام النصيحة لا يستغنى عنها أحد كائنا من كان فهذا موسى عليه السلام النبي المؤيد من الله المحفوظ بحفظه الذي صنعه الله على عينه جاءه رجل لينصحه ويقول (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) هل موسى عليه السلام قبل النصيحة أم ردها إقرأ معي (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين وتوجه تلقاء مدين ..) هكذا كونوا يا دعاة الإسلام ناصحين ومنتصحين .
وأخيرا أقول :
هذا أجر نصيحتك قال صلى الله عليه وسلم : (الدال على الخير كفاعله) .
وقال : (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) رواه البخاري
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (فإن أعظم ما عبد الله به نصيحة خلقه)
وسأل عبد الله بن المبارك عن أي الأعمال أفضل قال : (النصح لله) .
نصيحة بين يدي النصيحة :
يجب أن يدرك الجميع أننا بشر وأن خلقنا ضعيف ومن لوازم هذا الضعف الوقوع في المخالفات بقصد أو من غير قصد وهذا مصداق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كل ابن آدم خطاء) .
وإذا علمت القاعدة السابقة فاعلم أنك تحتاج لمحاسبة نفسك حتى تقف على مواطن ضعفك لتصلحه وقوتك فتحافظ عليها .
وبهذا أنت تقدم لنفسك أغلى نصيحة فأنت أعلم بنفسك من غيرك (إن الإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره) ويدعوك ربك بنصيحة النفس ومحاسبتها فقال : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خير بما تعملون) .
لا يكن همك اكتشاف عيوب الآخرين لتنصحهم وليكن همك النظر لعيوبك لتصلحها قبل نصحك للآخرين .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه) .
أنا وأنت واحد ونحن وهم واحد نعم أهل الإيمان وصفهم صلى الله عليه وسلم بقوله : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) .
إذا فهمت الحديث السابق إذن فهمت قصدي من ذكر هذه القاعدة وهي أني أحب أن تنصحني بالطريقة العالية المقبولة وأنت تحب أن أنصحك بمثل هذا النظام العالي إذن علينا أن نتناصح بالطرق المثلى والمؤثرة لكي نقبل أنا وإياك النصيحة وما أجمل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (حب لأخيك ما تحب لنفسك من الخير) وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به .
وعليه أقول : (انصحني كما أحب أنصحك مثلما أحب) .
كم أنا بحاجة إلى نصحك لأني لا أرى ما في خلفي فأنت المرآة التي أتزين بها وأتجمل عليها فإذا رأيت العيب في فإنك لن تبخل بنصحي كما أنني لن أبخل بنصحك لأني مرآتك أرى الذي لا تراه من نفسك وصدق الصادق المصدوق حين قال : (المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيه عيبا أصلحه) .
إحذر حين توجيه نصيحتك فبعض الناس ينصح من لم يخطأ فترى السامع (المنصوح) لا يعير بالا لكلام الناصح وذلك لأنه (المنصوح) يعلم أن لم يخطأ فعلى أي شيء ينصح ؟
كما أن البعض ينصح على أمر يظنه خطأ ولو نظر لحقيقته لعلم (الناصح) أنه هو الذي يحتاج إلى النصيحة والسبب أن ما نصح به ليس خطأ شرعيا بل خطأ ضنيا .
وأخير أقول كن خياطا محترفا متفننا حريفا
بقلم / خالد السلطان
No comments:
Post a Comment