Halwa Telinga


11/01/2009

المختار من ثمار الاستغفار 4


- سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء:

والاستغفار سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء , قال تعالى : {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} (77) سورة الفرقان.
وقال : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } (61) سورة هود.

قيل لما زار أحمد بن حنبل بغداد ولم يعلم أهل بغداد بحضور الشيخ وكان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد ، ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد حاول مع الإمام ولكن لا جدوى ، فقال له الإمام سأنام موضع قدمي وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه ، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد ، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقور تبدو عليه ملامح الِكبر ، فرآه خباز فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيت عنده ، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز ، فأكرمه ونعّمه ، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز ، سمع الإمام أ حمد الخباز يستغفر ويستغفر ويستغفر ،ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد بن حنبل ، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل ، فأجابه الخباز : أنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن فهو يستغفر ، فسأله الإمام أحمد : وهل وجدت لاستغفارك ثمره ، والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار ، يعلم فضل الاستغفار يعلم فوائد الاستغفار فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت دعوة إلا أُجيبت لي ، إلا دعوة واحدة فقال الإمام أحمد : وما هي ؟؟فقال الخباز : رؤية الإمام أحمد بن حنبل فقال الإمام أحمد : أنا أحمد بن حنبل ، والله إني جُررت إلي ك جراً .

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة * * * فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن * * * فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعا * * * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجاء * * * وجميل عفوك ثم أني مسلم


4- سبب لجلب النعم ودفع النقم :

الاستغفار من أهم أسباب جلب النعم ودفع النقم عن العبد , قال جل شأنه:{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)} [هود/3] .
فالاستغفار سبب لتفريج الهموم، وجلب الأرزاق والخروج من المضائق ففي سنن أبي داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : (( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب )).

وعَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ أَمَانَيْنِ لأُمَّتِى ({وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (33) سورة الأنفال، إِذَا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فِيهِمْ الاِسْتِغْفَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »سنن الترمذي(3362 ) صحيح لغيره.

وقد شَكَا رَجُل إلى الْحَسَن البصري الْجُدُوبة فقال له : اسْتَغْفِر الله ، وشكا آخر إليه الفَقر ، فقال له : اسْتَغْفِر الله ، وقال له آخر : ادْع الله أن يَرزقني وَلدا ، فقال له اسْتَغْفر الله ، وشَكا إليه آخر جَفاف بُستانه ، فقال له : اسْتَغْفِر الله . فقيل له في ذلك ، فقال : ما قلت من عندي شيئا ! إن الله تعالى يقول في سورة نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) .12).

ووَفد الحسن بن علي رضي الله عنهما على معاوية رضي الله عنه ، فلما خَرَج تَبِعَه بَعض حُجّابه ، فقال : إني رجل ذو مَال ، ولا يُولَد لي ، فَعَلِّمْني شيئا لعل الله يَرزقني وَلدا . فقال : عليك بالاستغفار . فكان يُكْثِر الاستغفار حتى ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة ، فَوُلِد له عشرة بَنين ، فبلع ذلك معاوية ، فقال : هلاّ سألته مِـمَّ قال ذلك ؟ فَوَفد وَفدة أخرى فسأله الرجل ، فقال : ألم تسمع قول هود عليه السلام : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) ؟ وقول نوح عليه السلام : (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) ؟.

وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يُكثر من الاستغفار إذا أشكلتْ عليه مسألة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنْحَلّ إشْكال ما أشْكَل .
قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذِّكْر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي .

روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صعد المنبر يوماً ليستسقي، فلم يزد على الاستغفار وقراءة الآيات في الاستغفار .ثم قال : لقد طلبت الغيث بمخارج السماء التي يستنزل بها المطر .
روي عن السري بن مغلس السقطي أن لصاً دخل بيت مالك بن دينار فما وجد شيئاً فجاء ليخرج فناداه مالك: سلام عليكم، فقال: وعليك السلام، قال: ما حصل لكم شيء من الدنيا فترغب في شيء من الآخرة - قال: نعم، قال: توضأ من هذا المركن وصل ركعتين، واستغفر الله ففعل ثم قال: يا سيدي أجلس إلى الصبح، قال: فلما خرج مالك إلى المسجد قال أصحابه: من هذا معك - قال: جاء يسرقنا فسرقناه. تاريخ الإسلام للذهبي 2/144.

يروي أحد الدعاة هذه القصة فيقول : كانت هناك أخت من أخواتنا، سجن زوجها لسبب ما -وهم من الفضلاء- ورزق الله هذه الأخت الفاضلة ببنت صغيرة وزوجها في السجن، ومرضت البنت في ليلة من الليالي، ارتفعت حرارتها ارتفاعاً كبيراً، حتى انتظرت الأم موت ابنتها. تقول: والله وأنا لا أملك إلا أن أبكي، وأرفع أكف الضراعة إلى الله، فأنا لا أملك لابنتي ثمن الدواء، فأنا أشهد الله لقد كنا نبيت بغير عشاء. تقول: جلست إلى جوارها لأضع لها الماء البارد على جبينها، وأنا أبكي وأتضرع إلى الله، وأكثر من الاستغفار وفي الساعة الثانية ليلاً سمعت الباب يدق، تقول: ففتحت الباب، فرأيت ؍ بيباً يحمل حقيبته ويقول: السلام عليكم! قلت: وعليكم السلام، فقال: أين البنت المريضة؟ تقول: فارتجف جفني وقلت: تفضل! موجودة يا دكتور، فدخل الطبيب وكشف على البنت وكتب الدواء وخرج، فوقف خارج الباب ثم قال: أسرعي يا أخت! قالت: ماذا تريد يا دكتور؟ قال: قيمة الكشف، قالت: والله لا أملك، قال: عيب عليك! تتصلي علي الساعة الثانية ليلاً وأجيء وأكشف على البنت ثم تقولين: لا أملك شيئاً! قالت: والله ما اتصلت، وليس عندي تلفون، قال: أليس هذا بيت فلان، قالت: لا، بل هو البيت الذي بجوارنا، فبكى الطبيب وقال: ما حكايتك؟ وما قصتك؟ فوالله ما أخرجني الله إلا لك! فبكت المرأة وق؍ ت عليه القصة، فبكى الطبيب، وعاد مسرعاً، فأحضر الدواء وأحضر العشاء، وجعل لهذه المرأة الفاضلة راتباً شهرياً حتى خرج زوجها.
يحكي لي أخي وصديقي الدكتور : محمد عزيز فيقول : \" خرجت ذات صباح إلى عملي فوضعت المفاتيح في السيارة وأدرتها , ثم نزلت من السيارة وأغلقت الباب ونسيت أنه لا يوجد معي غير هذا المفتاح , وأسقط في يدي ماذا أفعل , هل أكسر زجاج السيارة , فذهبت إلى محل بالقرب من السكن مخصص لعمل المفاتيح وأخبرته بما حدث , فقال لي لا بد أن تحضر المفتاح ونستخرج لك مفتاحا آخر عليه , فعدت وتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : \" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب\" فأخذت طوال الطريق أردد الاستغفار وحينما وصلت إلى السيارة وضعت يدٍ في جيبي وأخرجت مفتاح الشقة وقلت أجرب لعل وعسى , فقلت بسم الله , وإذ بمفتاح الشقة يفتح السيارة , ولم يفتح بعدها , فعلمت بركة الاستغفار وثمرته \" .

وتقول إحدى النساء : مات زوجي وأنا في الثلاثين من عمري ..وعندي منه خمسة أطفال بنين وبنات ..فأظلمت الدنيا في عيني وبكيت حتى خفت على بصري ..وندبت حظي ، ويئست ، وطوقني الهم ..فأبنائي صغار وليس لنا دخل يكفينا ..وكنت أصرف باقتصاد من بقايا مال قليل تركه لنا أبونا ..وبينما أنا في غرفتي فتحت المذياع على إذاعة القران الكريم ..وإذا بشيخ يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ).فأكثرت بعدها الاستغفار ، وأمرت أبنائي بذلك وما مر بنا والله ستة أشهر حتى جاء تخطيط مشروع على أملاك لنا قديٍ ة !..فعوضت فيها بملايين !وصار ابني الأول على طلاب منطقته ..وحفظ القران كاملاً ، وصار محل عناية الناس ورعايتهم !!وامتلأ بيتنا خيراً وصرنا في عيشه هنيئة ..وأصلح الله لي كل أبنائي وبناتي ..وذهب عني الهم والحزن والغم وصرت أسعد امرأة !.

والاستغفار مشروع في كل وقت، وهناك أوقات وأحوال مخصوصة يكون للاستغفار فيها مزيد فضل، فيستحب الاستغفار بعد الفراغ من أداء العبادات؛ ليكون كفارة لما يقع فيها من خلل أو تقصير، كما شرع بعد الفراغ من الصلوات الخمس، فقد كان النبي إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثا؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو.
كما شرع الاستغفار في ختام صلاة الليل، قال تعالى عن المتقين: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون [الذاريات:17-18]. وقال تعالى: والمستغفرين بالأسحار .
وشرع الاستغفار بعد الإفاضة من عرفة والفراغ من الوقوف بها قال تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم [البقرة:199].
وشرع الاستغفار في ختم المجالس حيث أمر النبي عندما يقوم الإنسان من المجلس أن يقول: (( سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك ))، فإن كان مجلس خير كان كالطابع عليه، وإن كان غير ذلك كان كفارة له.
وشرع الاستغفار في ختام العمر، وفي حالة الكبر، فقد قال الله تعالى لنبيه عند اقتراب أجله: بسم الله الرحمن الرحيم: إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً [سورة النصر]. فقد جعل الله فتح مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجا، علامة على قرب نهاية أجل النبي ، وأمره عند ذلك بالاستغفار.


No comments:

Post a Comment