تفنن في نصيحتك 4
سأقدم لكم في هذه الحلقة وما بعدها مجموعة طرق مؤثرة على المنصوح فإذا استخدمت كانت للنصيحة أثراً وقوة على المنصوح بإذن الله .* الطريقة الأولى : اقسم بالله العظيم
شهد الله ما انتقدتك إلا طمعاً أن أراك فوق انتقادي
فالقسم أمره عظيم ومنزلته في نفس المؤمن أعظم وذلك لأنك أقسمت بأعظم ما في قلب المؤمن وهو الله .
ومن خلال هذه المنزلة استطاع إبليس لعنه الله أن يغري آدم وحواء للأكل من الشجرة فصدقوه على يمينه وقسمه لأن آدم وحواء لا يخطر ببالهم أن أحدا يقسم بالله كذباً فصدقوه من اجل تعظيم الله ( وقاسمهما إني لكما من الناصحين )
فقدم حبيبي بين يدي نصيحتك قسماً لتقوي كلامك وتفتح قلب سامعك ولقد كان صلى الله عليه وسلم يستخدم هذا الأسلوب في دعوته ونجح أيما نجاح .
* الطريقة الثانية : والله إني احبك
لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسب قلب معاذ ويجعله يلتزم نصيحته إلى أن توفاه الله وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : ( يا معاذ والله إني لأحبك ) ثم قدم له نصيحته ( فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) فلم يدعها معاذ أبدا بعدما سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا تحرم منصوحك من هذه الكلمة أو مثيلاتها من الكلام الجميل الذي يدغدغ المشاعر ويفتح القلوب ويؤثر بها .
إن لم تكن هذه الكلمات من سجيتك فتعلمها حتى ترى النجاح في دعوتك ونصحك .
* الطريقة الثالثة : مدح وثناء عطرين
أن النفس تتوق للمدح والثناء وتنفر من الذم والنقد فإذا قدمت ثناءاً جميلاً قبل نصحك وأثنائه كان لكلامك قبولاً ولنصيحتك أثرا .
انظر لهذا المشهد :-
عبدا لله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما رأى رؤيا وهي انه صعد به رجلان عظيمان إلى جبل وفي أعلى الجبل ناراً عظيمة ثم أخذاه لليمين فحدث بهذه الرؤيا حفصه أخته أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بما رأي ( انتبه يا قارئي مقالتي ) قال صلى الله عليه وسلم : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل قال بن عمر فما تركته منذ سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان المدح هذا مفعوله وأثره فلماذا لا تحاول تطبيقه وتضع بصمة في حياة منصوحك والأجر لك على نصيحتك وعلى العمل بنصيحتك .
* الطريقة الرابعة : ابتسم
إن للابتسامة سحر مميز وأخذة خلابة فضلاً عن أنها تعطي الاريحية لمن أمامك بل وتجعله مهيئا لسماع نصيحتك .
انظر معي مثلاً هذه الحادثة .
زيد ابن سعنه يسلف النبي صلى الله عليه وسلم بتمر ولماحان موعد التسليم جاء زيد للنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة راجعين من جنازة فقام زيد فأخذ بتلابيب النبي صلى الله عليه وسلم ( أي مسك ثوب النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الرقبة وهذه عادة المتشاجرين ) فقال زيد أين حقي يا محمد فما علمتكم آل عبد المطلب إلا أهل مطل وكان في القوم عمر بن الخطاب وعيناه تدوران من الغضب فقال عمر أتقول ما اسمع وتفعل ما أرى والله لولا أن ألام على عمل لقتلتك .
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لعمر إنني وإياه أحوج إليك من غير هذا عليك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء و أن تأمره بحسن التقاضي ، فما كان من زيد إلا أن اسلم وترك رهبانية أهل الكتاب فقد كان زيد راهباً يهوديا فانقلب وأصبح صحابياً مسلماً رضي الله عنه وأرضاه والصلاة والسلام على الهادي البشير.
انظروا معي لعظمة ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كيف استطاع بابتسامته الخلابة والمؤثرة والدالة على حسن خلقه أن يؤثر بتوجيهه الكريم على زيد رضي الله عنه .
* الطريقة الخامسة : السر والخفاء
قال ابن رجب رحمه الله : ( وكان السلف إذا ارادوا نصيحة احد وعظوه سراً ) والسرية في النصيحة فيها كثير من الستر واذا سترت على إنسان ونصحته كان ادعى للقبول واحفظ للمنصوح .
قال الشاعر :
تعمدني بنصحك بانفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح في الجماعة نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإذا علمت أن القصد من النصيحة التأثير فاعلم أن النصح في السر له أثره الخاص والسريع لأنه من الأدب الجم .
وأخير أقول كن خياطا محترفا .. متفننا حريفا
بقلم خالد سلطان السلطان
No comments:
Post a Comment